< Back to 68k.news LB front page

الخيانة العظمىفي الشغور وملحقاته

Original source (on modern site) | Article images: [1] [2] [3]

14-03-2024 | 00:40 المصدر: "النهار"

قصر بعبدا مقر رئاسة الجمهورية اللبنانية.

ذات يوم، في مطلع سنوات الحروب، حضر إلى لبنان مراسلٌ صحافيٌ فرنسي من مجلة "لو نوفيل أوبسرفاتور" يُدعى غي سيتبون، ليُغطي لمجلته أحداثَ قتالٍ غامضة في مراحلها الأولى بالنسبة إلى الإعلام الغربي خصوصا. فطلب أن يلتقي بوزير الخارجية يومذاك فؤاد بطرس، فحضر إلى منزله الكائن في الأشرفية، إلا أن الوزير الراحل لم يتمكن من استقباله في منزله بسبب كثافة القصف، فدعاه إلى مشاركته اللقاء في ملجأ البناية القائمة في حيّ السراسقة. وجرت المقابلة على أصوات المدافع والرصاص.ولكن الصحافي ذاك، الذي يتمتع بظُرفٍ ساخر ومؤلم في الوقت عينه، كتب بعد ذلك في مجلته أنه لاحظ أن هنالك آدابا للجلوس في الملاجئ لدى اللبنانيين، وأن الهروب إلى الطوابق السفلى ومرائب السيارات له أصولٌ مارسها اللبنانيون. فهم شديدو التهذيب وحسن الضيافة. أما التراشق بالمدافع فأمرٌ آخر، أدركته تلك المجلة للمرة الأولى بعد مرور ثمانية عشر شهراً على بدء أعمال القتال في نيسان 1975، عندما كتبت أن ما يجري في لبنان هو حرب عربية - إسرائيلية خامسة. وهي ليست حرباً أهلية.على كلٍ كان فؤاد بطرس وأمثاله من رجال المسؤولية الواعية يعرفون كيف يتصرفون بحكمة وهدوء حتى في ملاجئ البنايات، ويعطون الصورة كما اليوم تماماً، بأن هنالك فرقاً بين لبنان واللبنانيين، بين لبنان الدولة التي يشتمها الجميع اليوم من خارج ومن داخل وحتى من داخل الفريق المنخرط فيها، وبين هذا الشعب أفراداً قبل مجموعات، الذي تنطبق عليه مختلف أوصاف الناس، في كل زمانٍ ومكان، من الذين قرروا أن يعيشوا وسط تقلّبات الأيام لا لشيء سوى لأنهم لا يستطيعون تغيير الجغرافيا.ولكن بعيداً عن آداب الجلوس في الملاجئ، فإن صوَر الفواجع التي تنقلها الشاشات والإعلام الأجنبي عن الجنوب اللبناني بعد غزة، تُبرهن، مرة أخرى، أن الظلم الأكبر يأتي من الجوار. وما من شيءٍ تغيّر تحت الشمس. فالأقربون جغرافياً هم أَولى بالقتل والتدمير. وحرب الجنوب هي حرب جغرافيا، وأبراج المراقَبة على الحدود مع سوريا هي أبراج جغرافيا. وسوريا ليست بخيرٍ إطلاقاً. وهي تسببت لنا بالكثير في أيّ حالٍ من أحوالها. فكل الحروب التي عرفناها هي حروب جغرافيا حتى قبل قيام...

ادعم الصحافة المستقلة

اشترك في خدمة Premium من "النهار"

ب 6$ فقط

(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)

إشترك الأن

< Back to 68k.news LB front page